المالك المنفذ
أصداء إنجازاتنا
المحكمون
منجم الأفكار
المعرض
الأسئلة الشائعة
علماء ومخترعون
عدة المخترع
نادي المخترعون
Donec ullamcorper nulla non metus auctor fringilla.
هو أبو زكريا بن يحي بن محمد أبو أحمد المعروف بابن العوام الإشبيلي, لا تعرف سنة ولادته, وتوفي في سنة 540هـ , لم نعرف أي شيء عن هذا العالم الزراعي العربي إلا أنه كان يعيش في مدينة إشبيلية في القرن السادس الهجري , ذكره ابن خلدون في مقدمته لكنه لم يعرف كتابه وعلى ما أعتقد أنه ظن أنه مختصر لكتاب الفلاحة النبطية, يقول الدكتور عز الدين فراج: (أما أبو زكريا بن العوام الإشبيلي فلا نعرف سوى القليل عن حياته ونشأته , بل لا نعرف متى عاش بالضبط كل ما نعرفه أنه عاش في إشبيلية في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي ,في ذلك الوقت الذي كان ذروة التقدم الفكري والحضاري وكانت الفنون الزراعية تزدهر بنوع خاص في هذه المنطقة, منطقة الوادي الكبير,وهي مازالت حتى اليوم تمتاز بوفرة خصبها ونضرتها. ودرس ابن العوام الفنون الزراعية ووضع كتابه الفلاحة).
كتاب الفلاحة لابن العوام:
يذكر الأساذ عادل أبو النصر, أن ابن العوام لم يؤلف كتابه الفلاحة إلا بعد أن قام بتجارب زراعية عديدة تأكد من صحتها بنفسه, وكان يسجل ما يصل إليه من نتائج, وكان يدون ما يشاهده أثناء زيارته لهذا الجبل ولغيره من المناطق, وعند مطالعة كتابه القيم بمنظار العصر الحديث نلاحظ أن معظم نظرياته الزراعية هي قريبة من الحقيقة العلمية التطبيقية. وكان (كازبري المستشرق الإسباني) أول من نبه الأذهان في إلى المخطوطات الكاملة لهذا الكتاب المحفوظ بمكتبة الأسكوريال. وقد نشره تلميذه بانكوري مع ترجمة إسبانية سنة 1803م, ووضع المستشرق مايرن خلاصة قيمة لهذا الكتاب, ونشر (كليمان ميوله ) ترجمة فرنسية لهذا الكتاب, ويذكر (رام لاندو) في كتابه علماء العرب في الحضارة, أن ابن العوام من علماء القرن الثاني عشر الميلادي المرموقين في حقل الزراعة والنبات, ولقد احتوى كتابه (الفلاحة) على 585 نبتة مختلفة , كما أن فيه وصفا لكل واحدة, ومما جعل إسبانيا مصدرا زراعيا لجميع القارة الأوروبية, ومن ثم الولايات المتحدة الأمريكية.
والحق أن ابن العوام عالم تفخر به البشرية أجمع لما قدمه من خدمة لهم حول قوتها وعقاقيرها اليومية, قال عنه (الدومييلي) إن أبا زكريا بن العوام الإشبيلي يعتبر بحق من أطباء الأندلس الذين نبغوا في القرن الثاني عشر الميلادي, وكتاب الفلاحة أهم كتاب عربي من هذا النوع. ومع أن ابن العوام كان يؤلف كتبه على أساس الجمع بين الكتب العلمية والإغريقية والعربية وبين المعارف العلمية العميقة التي استفادها من التجارب المباشرة, فهو قد قدم وصفا دقيقا لعدد يبلغ 585 نوعا, ومن النباتات ذكر من بينها 55 نوعا من الأشجار المثمرة, ولقد حاول ابن العوام أن يطبق معارف العراق واليونان والرومان وأهل إفريقيا على بلاد الأندلس وقد نجح في تطبيقاته وانتفع بذلك عرب الأندلس, وصاروا يعرفون خواص الأتربة وكيفية تركيب السماد مما يلائم الأرض أكثر من غيرهم, كما أنهم أدخلوا تحسينات جمة على طرق الحرث والغرس والسقي, ولقد أوضح العالم الفرنسي (دانيال لكلير) في كتابه الشهير (تاريخ طب العرب) إن ابن العوام كان عملاقا في حقل الفلاحة , فقد قدم للإنسانية من المعارف التطبيقة ما تحتاج إليه, كما أن إنتاجه يتسم بالتوثيق التاريخي الذي يهتم به علماء القرن العشرين الميلادي, فهو عاش في القرن الثاني عشر,لكن بعقلية القرن العشرين.
يقسم كتاب الفلاحة إلى أربعة وثلاثين فصلا في جزأين, فالحزء الأول يقع في ستة عشر بابا ويقع الثاني في ثمانية عشر بابا, تبحث الفصول الأولى في الفلاحة ,بينما تبحث الأربعة الأخيرة في تربية الماشية ووصفها وصفا قيما وكيفية علفها ونظافتها ومعالجة بعض أمراضها, ولقد انتفع ابن العوام كثيرا من كتاب الفلاحة النبطية لابن وحشية إلا أنه ترك الطلاسم والخرافات الكثيرة وجميع الاعتبارات الدينية والفلكية, ومطالعة كتابه الفلاحة تظهر لنا أن قدرته العلمية عظيمة وأسلوبه هين , وتنسيقه علمي, ونظرياته قيمة للغاية ماعدا بعض النظريات القليلة التي لا تنطبق على العلم الحديث, وقد قدم ابن العوام لكتابه بمقدمة طويلة رائعة ضمنها بعض الأحداث الشريفة فيما يخص الزراعة والزرع, وقد سمي ابن العوام المراجع والمصادر التي استقى منها ورمز لمؤلفيها بحروف يذكرها كلما أراد, ولقد قال ابن العوام أنه لم يثبت إلا ما جربه مرارا ويقول أحيانا أنه لم يقطع بأن هذا يصح في بلادنا لبعد بلادهم عنا , كما أنه حدد المقايس وعرف المصطلحات كالطمر والكمخ والنبش, وخص الجزء الأول من الكتاب في معرفة نوع الأراضي وأنواع الأسمدة وأنواع المياه والبساتين واتخاذ الأشجار والثمار, ثم في تطعيم الأشجار وتسمية الأشجار المعتاد زراعتها و تحدث عن تقليم الأشجار بعضها في بعض وأوقات وكيفية اختيار الأقلام ثم تقليم الأشجار, وتحدث عن حرارة الأرض المغترسة, وتسمية الأشجار التي توافقها, وتحدث عن علاج الأرض المالحة وما يحتمل السقي الكثير, كما يصف الأشجار المتحابة والمتنافرة وعن علاج الأشجار من الأمراض والآفات الزراعية وكذا علاج البقول والخضر, ويتحدث ابن العوام عن بعض الصناعات التي تخص الفاكهة والخضراوات وهو ما يسمى الآن بالصناعات الزراعية, وتناول كيفية اختزان الحبوب والفاكهة الغضة واليابسة والتحليل وغيره,وشرح عمل القليب ومنفعته وإصلاح الأرض بعد كلالها وما يريح الأرض ويصلحها من الحبوب واختيار البذور واختيار ما يصلح لنوع من أنواع الحبوب, ومعرفة أوقات الزراعة وصفة العلم في زراعة الرز والذرة والعنب وغيرها, ثم البذور المستعملة في الأدوية كالكمون والكزبرة, وغيرها, ويخصص فصلا للرياحين وثاني لأنواع النبات التي تتخذ منه الجنان, وثالثا اختيار البيادر والمدارس حيث تجمع المحاصيل وتدرس, وخصص باقي الأبواب من الكتاب للتحدث عن الحيوانات الزراعية وطرق تربيتها وأمراضها, فتكلم عن اقتناء الحيوان الطائر في البيوت, ونحل العسل, ثم تربية الكلاب للصيد والحراسة , ويذكر ابن العوام أنواع الترب الزراعية والتي يمكن أن تصلح لنبات معين أو لا تصلح, ومن التجارب التي بنى عليها دراسته الفلاحية وهو منهج تجريبي وإن كان بدائي فإنه سليم, وطلبه منك أن تأخذ قدرا من التربة وترجه بالماء الحار وتتذوق الماء وتتبين رائحته, كما كان ابن العوام يعقد مقارنة للأسمدة البلدية, وتحدث ابن العوام أيضا عن أنواع المياه المستعملة في سقي الخضر والنباتات الأخرى , وقال بوجود الماء العذب والمر والمالح والزعاق, والماء القابض, والماء العفن, والماء الذي يغلب عليه طعم المعادن, وحول عمليات تكثير النباتات يقول ابن العوام: وما ينبغي أن يغرس من فروع تنتزع من الشجر : التفاح فالقراصيا, والآس والزعرور,ومن الناس من يعمد إلى زرع هذه الأشجار فيمليها ويطمرها في التراب حتى يصير لها أصول ثم ينقلها) وهو بذلك يصف ما نسميه اليوم (بالترقيد) وقال في الغراسة (وتختار للغراسة من الأشجار أكثرها حملا وأطيبها طعما, فإن المؤنة والنفقة في غراسة النوع الجيد وعمارته والرديء سواء, فغراسة الجيد أولى).